- اسم الكتاب: تغريبة القافر
- اسم المؤلف: زهران القاسمي
- عدد الصفحات: ٢٢٨
- الناشر: دار رشم للنشر والتوزيع
- سنة النشر: ٢٠٢٢
- الطبعة: الطبعة الأولى
نبذة عن حياة الراوي:
إن رواية تغريبة القافر تعد من أهم وأشهر الروايات العربية التي حصلت على الجائزة العالمية للرواية العربية في عام ٢٠٢٢. كتب هذه الرواية كاتب وشاعر عماني في عام ٢٠٢٣. كان ولد زهران القاسمي في عام ١٩٧٤. صدر له أربع روايات بما فيها جبل الشيوع في عام ٢٠١٣، والقناص في عام ٢٠١٤، وجوع العسل في عام ٢٠١٧ ، وتغريبة القافر في عام ٢٠٢٣. له عشرة دوواين شعرية أيضا. إنه نال سمعة طيبة في مجال الأدب العربي برواياته النادرة الفريدة وأفكاره الجديدة وأسلوبه البليغ القوي الذي يمتزج الحياة الريفية وثقافتها بألفاظ مؤثرة ممتزجة بين القديم والجديد. فازت رواية تغريبة القافر بسبب محاوره الجديدة وموضوعه الجديد.
تلخيص الرواية:
تبدأ هذه الرواية بحادثة مفاجئة مباغتة أدهشت جميع القرية بأن مريم بنت حمد ود غانم، زوجة عبد الله بن جميل غرقت في البئر والتي كانت تعاني من الآلام المزعجة. كان اعتراها صداع مزعج وهي كانت تسمع الأصوات والطرقات الهائلة العجيبة في منامها، وهي كانت تشعر أن يكاد راسها يتهشم ويتحطم بشدة الألم في رأسها. وهي جربت أنواعا من الأدوية اضافة إلى التعاويذ والتمائم أيضا، ولكن الصداع أبى أن يسكن ويهدأ إلا عندما تغطس رأسها في الماء، لكن الألم يشتد ويزداد مع الأيام حتى تركت كل ما تهمها وهذه الأصوات الأنينة المؤلمة دفعتها إلى أن تهبط في البئر استجابة وتلبية للصوت الذي كان يناديها ”تعالي تعالي“.
وأثناء ذلك تعرفت خالتها عائشة بنت مبروك أن في بطنها حياة، فتضاربت الاراء وتشابكت عن الجنين، ولكن في خضم النزاع شقت كافية بنت غانم بطنها وأخرجت الطفل من الرحم. وفي نفس اليوم نزل المطر من السماء وازداد انهار المطر حتى ابتلت الرؤوس وملأ الوادي حتى قال واحد منهم ”هذي الحرمة ربها راضي عنها“.
اهتمت كاذية بنت غانم بالطفل الصغير الذي كان سمي بسالم لأن الله سلمه من الغرق، وأرضعته آسيا بنت محمد التي أنجبت خمس بنات ولكن لم تبق منهن واحدة، وزوجها كان ذهب إلى المسقط ولم يعد إلى الآن. ونشأ سالم في رعاية كاذية وآسيا وتحت رعاية أبيه حتى شب وأكمل تسع سنوات.
الأيام كانت تجري وتستمر حتى اكتشفت قاضية وعبد الله بن جبيل موهوبة سالم وقدرته الكامنة بأنه يسمع خرير الماء في بطن الارض. انتشر هذا الخبر في القرية مثل ما يشتعل الحريق من الشرارة، فبدأ الناس يتهمونه، وتعرض للشتم والبغض والحسد واحتمل جميع المصائب من الكلمات الجارحة والرمي والظلم وسوء السلوك من الآخرين حتى تعود لكل هذا. واثناء ذلك، يتعرف سالم بسلام ود عامور الوعري ويشعر برابطة وعلاقة قوية بينه وبين الوعري الذي كان فقد أهله في الطفولة والذي كان يعاني من المصائب والمشاكل والعراقيل حتى لا يقبل أحد أن يتحدث معه.
تجري السنوات حتى واجهت القرية من القفر والقحط والجفاف وذهبت مياه الينابيع والوديان، وتبخرت آثارها، وجفت الحقول، وامتد المحل، حتى بدأت المياه تنحسر وتتلاشى. يساعدهم سالم بن عبد الله ويدلهم على مكان خرير الماء فيعثر الناس على الماء بعد جهد مسلسل وتعب شديد حتى تعود الحياة في القرية، وتعود نضارة القرية وفرحتها وبهجتها وخصبها. وكف الناس عن أذية سالم وسموه القافر، وأصبح معروفا حتى بدأ الناس يأتون اليه من قرى بعيدة لكي يبحث الماء لهم.
يكتشف القافر الماء مع أبيه ويصغي للأرض، ويكتشف مواضع الماء بسمع خرير الماء في باطن الأرض، ولا يزال يكتشف المواضع حتى فاجئته وفاة ابيه بسبب انهيار السقف وما رافقه من الحجار والرمل، مما يتسبب في توقفه عن اقتفاء اثر الماء. ولكن عاد سالم إلى العمل، بحثا عن المال وموارد العيش الحسنة ولتحسين جودة العيش. ويذهب الى المكان المجهول مع شخص لا يعرفه أحد، تاركا خلفه زوجته الحبيبة الحنونة التى حذرته من اقتفاء اثر الماء. ذهبت سالم واستمرت تنتظره وتراقب الطريق له وترى خياله، متمنية أن ترى ظله وتظهر شبحته. حتى رفضت جميع الخطب التي قدمها الناس لها متمنية أنه سيرجع وبقيت وفية له.
الشخصيات:
تدور هذه الرواية حول شخصية رئيسية، سالم بن عبد الله الذي كان نموذجا حيا ليخرج الحي من الميت“. تبدأ حياته من التعرض للاتهامات والأوجاع والشتائم حتى يشتهر بالقافر بعد أن يطلع الناس على موهبته وقدرته لبحث الماء في باطن الارض. هناك قصة مريم بنت حمد الغريقة، والتي كانت خياطة ماهرة حتى تعرضت للصداع والألم والأصوات المؤلمة التي أدت إلى غرقها في البئر.
أما كاذية بنت غانم، عمة سالم، نزلت منزل الأم للقافر واهتمت به وربته، وهي تبقى غير متزوجة رغم روابطها وعلاقتها مع الوعري الذي كانت تهتم به وتطعمه. أما شخصية آسيا بنت محمد، فهي أرضعت سالم كابن لها واهتمت به كما أنجبت خمس بنات ولم تبقى واحدة منهن. أما شخصية سلام ود عامور الوعري، ففقد أهله في الطفولة وبقي وحيدا مختفيا بعيدا عن القرية في أي وادي من الوديان بسبب تعرضه لاتهامات الجن والسحر وغيرهما. أما شخصية عبد الله بن جميل ، فكان يحب الصمت والانشغال في عمله للزراعة والري. وازداد هذا الصمت بعد وفاه زوجته. أما شخصية نصرا بنت رمضان، زوجة سالم، هي مثال للوفاء والحب.
اللغة:
و إن اللغة التي استخدمها الكاتب في سرد أحداث الرواية أليق وأنسب لتصوير المشاهد والمناظر الريفية بكلمات عذبة فريدة، وتعبيرات ملائمة، وتشبيهات مناسبة، واستعارات حسنة. ومن خلال استخدام الألفاظ والمفردات السائدة في المجتمع العربي الريفي مثل القعتة، والفلج وأصوات المناجير وغيرها. بين الكاتب الحياة الريفية وثقافتها وطبيعتها وطقسها وبيئتها حتى تبينت وظهرت الحياة لتلك المنطقة بشكل أوسع وأحسن أمام الناس.
وإن المشهد المكاني الذي قدمه الكاتب من خلال التعبيرات مثل ”نباح كلب في الحارة الأخرى“، و”صرقعة دجاجات في ضواحي النخل“، وكلها تكون منظرا بهيجا رائعا للقرية.
الحبكة:
أما حبكة هذا الرواية فهي قويه جدا كما تبدأ القصص والاحداث بدون تمهيد، ثم يبين الكاتب الخلفيات والذكريات والأحداث الماضية مما يسمح للكاتب أن يخلق نوعا من القلق والشوق للقارئين عن ماذا يحدث الآن أو لماذا حدث. والحبكة قوية جدا من هذه الناحية أيضا أن الكاتب بين الحياة للشخصيات من البداية إلى النهاية خاصة شخصية القافر منذ طفولته الى أن يصبح شهيرا في جميع أنحاء القرية. لكن في بعض الأحيان يبدو نوع من الغياب في تسلسل الأحداث مثل ما حدث في قصة آسيا التي ذهبت إلى زوجها، وفي قصة أبي الوعري الذي جاء مفاجأة في الرواية، وكذلك في حياة نصرا بنت رمضان عن حياتيها الإبتدائية الطفولية.
الفكرة:
وإن الفكرة الرئيسية التي نحن نجدها في هذه الرواية هي أهمية الماء كما يبدوا من عنوان الكتاب ”تغريبة القافر “ ، فمعناه رحلة القافر وسفره للعثور والتقصي منابع المياه. وإن ننظر في أحداث الرواية من غرق أم القافر في البئر ، وولادة القافر من بطن الغريقة، وانهمار المطر الغزير في تلك الأيام، ونزول سليمان وأمره الجن للبحث عن منابع المياه، وحياة القرى المعتمدة على الزراعة والري والماء، وجهود الناس في البحث عن الماء في القرى المتجاورة، وحتى بذل القافر جهودها الكاملة وحياتها القيمة في البحث عن الماء ومنابعه، وموت والد القافر في طريق البحث عن الماء، كلها تشير إلى أهمية الماء في حياتنا اليومية.
وكذلك رأينا أن الماء تسبب في غرق أم القافر وموت أبيه، وتسبب عدم نزول الماء في القحط والجدب وتتلاشي الحياة، وفي حين آخر تسبب الماء لشهرة القافر وسمعته، وفي عودة الخضب والنضارة في القرية مما أعاد فرح القرية وحياتها. فيكون الماء ابتداء وانتهاء للحياة والموت ويكون الماء داء في بعض الأحيان وعلاجا في بعض الأحيان.
وكذلك يبدو دور المرأة جليا واضحا في الحياة الريفية كما تساعد المرأة في التشاور مع الآخرين وفي القيام بالأعمال اليومية مثل رعي الأغنام والأبقار وغيرها. وكذلك تتجلى أمومة النساء و حنانهن وتسامحهن كما تربي سالم عمتها وترضع سالم آسيا بنت غانم كإبن لها، كما تهتم آسيا زوجها إبراهيم مثل طفل، وكذلك انتظار نصرا بنت رمضان للقافر بعد أن يذهب، كلها تشير إلى حنونة المرأة وأهميتها في المجتمع.
وكذلك صور الكاتب ميزة فريدة للقرية وهي أن الناس يجتمعون في القرية ويغلطون ما يشاؤون. ولا يتحملون القدرات والمواهب للآخرين و يوجهون التهم اليهم كما فعلوا في قضية مريم بنت حمد ود غانم في قضية القافر . وأشار الكاتب إلى هذه العادة بقوله أن الناس يصومون عن الأكل والشرب وقد يصبرون على العطش والجوع ولكنهم لا يصبرون على الكلام.
فيعد هذه الرواية أحسن نموذج ومثال للمطالعة والإطلاع على منطقة ريفية عمانية وثقافتها وطريقة العيش فيها.