- أصل الكتاب : سيرانودي برجراك
- إسم الكاتب : إدموند روستان
- إسم الكتاب : الشاعر أو سيرانو دي برجراك
- المترجم والمؤلف في العربية : مصطفى لطفي المنفلوطي
- الفن : مسرحية
- الناشر : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة
- سنة الإشاعة بالعربية : ١٩٢١
- رقم صفحات الكتاب : ١٣٦
المحتوى
نظرًا إلى المؤلف مصطفى لطفي المنفلوطي :
كان مصطفى لطفي المنفلوطي أديبا موهوبا، وحظ الطبع فيه أكثر، ويتسم أسلوبه بالطّلاوة والعذوبة، والرصانة واللفظ المختار، والتصوير الفني، والاتزان بين العبارة، يميل أسلوبه إلى الإطناب والتفصيل، و سمته الغالبة هي العاطفة والانفعال.( أعلام الأدب العربي، ص: ٩٧)
وتميز أدب المنفلوطي بروعة البيان وعمق التعبير، وأنه ما احتذى حذو أحد من الأدباء. بل كان له أسلوبا خاصا فريدا استطاع أن يبتدع طريقة جديدة في الكتابة الأدبية، واختارت طريقة تخالف تلك التي اشتهرت بين الكتاب والأدباء الذين كانوا يحفلون بالسجع وألوان البديع، وأبرز ما ميّز أدب المنفلوطي أنه يصف البؤس والشقاء، ويصور حال المملوكين والتعساء في صور أدبية بديعة تتفجر من أعماق الألم فكان يحبُّ مطالعة شعر الهموم والأحزان وقصص البؤساء ومواقف الشقاء في الأمراض الاجتماعية خاصةً في إصلاح الأخلاق وتطهير المجتَمع من المفاسد وصور البؤس والشقاء والاستغلال وذكر الانتحار وسوء تصرف المسرفين، وله أبيات أدبية ونقدية كذلك وهو ينتقد انحراف الأدب الحديث.
مصطفى لطفي المنفلوطي في نظر الأدباء:
(١) يقول العلامة الشيخ أبو الحسن علي الحسني الندوي عن المنفلوطي : ” وهو أديب مطبوع يرسل النثر حلـوا مرسلا ، محبوكاً ، كان دقيق الحس ، رقيق العاطفة ، رشيق القلم ، سهل البيان ، حلو العبارة ، مشرف الديباجة ” .( أعلام الأدب العربي، ص: ٩٧)
(٢) “السيـد مـصـطـفى لطفي المنفلوطي رجل من كبار كتاب القلم في زماننا . فهو من كتاب الطبقة الأولى و شعراء الطبقة الثانية”.(ولي الدين يكن)
(٣) “المنفلوطي حسن الديباجة ، منسجم الكلام ، رقيق المعنى”.(حافظ ابراهیم)
(۴) “المنفلوطي متخير الألفاظ ، متين القوافي، طويل النفس.”۔(حسين وصفي رضا)
مؤلفاته المهمة:
(١) النظرات، ثلاثة أجزاء
(٢) العبرات، مجموعة قصص.
(٣) ماجدولين أو تحت ظلال الزيزفون
(٤) في سبيل التاج
(٥) الفضيلة أو بول و فرجيني.
(٦) الشاعر أو سيرانو دي برجراك
كتاب “الشاعر” :
هناك نتكلم عن كتابه الشاعر، سيرانو دي برجراك. وهذه مسرحية أصلاً فى اللغة الإفرنجية، كتبها إدموند روستان ونُشرت هذه المسرحية في سنة 1897. وتم تعريبها وترجمتها من قِبل الكاتب الكبير مصطفى المنفلوطي، ونُشرت بالعربية عام 1921.
وبطل هذه المسرحية سيرانو دي برجراك، قيل إنه شخص حقيقي واسمه الكامل هيركيول سافينيان سيرانو دي برجراك. ولد عام 1619 وتوفي سنة 1656 وكان كاتباً وشاعراً معروفاً بالإضافة إنه كان فارساً مغواراً لا يشق له غبار، وكان جنديا في فصيلة شبان الحرس بالجيش الفرنسي، وكانت عقدة حياته دمامته وكبر حجم أنفه الذي كان سبب شقائه لأنه وقف حجر عثرة بينه وبين حبه لروكسان، وكان الآخرون يسخرون منه، وهو لا يطيق ذلك فكان النزاع بينهم لا ينتهي إلا بمبارزة يخرج منها منتصرا وهذا جعل له كثير الخصوم والأعداء مما أدى لمصرعه مقتولاً بخشبة سقطت على رأسه.
هذه المسرحية قصة الحب لسيرانو أي شغف سيرانو بحب ابنة عمه مادلين روبان الشهيرة باسم “روكسان” الجميلة التي كانت تهوى الدرب والشعر بتكلف، وأحبها جدا أما هي فأحبت أحد النبلاء القادم من الريف ثم التحق بفرقة الحرس بالجيش الفرنسي وهي الفرقة التي يعمل بها سيرانو أيضاً وكان البارون كريستيان جميل الصورة، شريف النفس ، طيب القلب، ولكنه أقرب للبلادة من الذكاء، ولا يفهم بالشعر والأدب شيئا، وهذا ما لا تعرفه روكسان عنه. تكون فكرة الجمال لديها طلة بنية و حذلقات لغوية ومباهاة بالشعر، وحيث لایکون كريستيان علما بالأدب أو حتى فطنا،فيشرع سيرانو بحمايته وبأن يكون صديقاً له بعد أن طلبت منه روكسان ذلك، يأخذ سيرانو هذا على عاتقه بأن يكون لسانه الفصيح في خطاباته إليه، ويكتب رسائل الغرامية لمساعدة كريستيان ويعلمه البلاغة ولباقة الكلام مضحياً بحبه لروكسان الجميلة التي تحب الكلام المنمق والشعر وجمال الوجه والتي تجهل ما يشعر به نحوها.
هذه القصة تتكلم عن أحاسيس سيرانو بطريقة حزينة أليمة جميلة ممّا يختلج في قلبه من النقص الذي يعانيه وهو الدمامة برغم كونه شاعرا ولبقا وفارسا وغنيا يتمتع بحياة طيبة، يعاني من التنمر من حوله على شكله.
وأراد المنفلوطي من روايته أن يوجه رسالة إلى المحبين، مفادها أن الحب هو الفناء من أجل الآخر،والشقاء من أجله، والعطاء بلا مقابل، فقط لمجرد أن تراه سعيدًا، وإن كنت شقيًّا
كتب المنفلوطي هذه القصة بأسلوب الشاعر وعواطفه الرقيقة، ليستطيع القارئ أن يراها على صفحات القرطاس، كما يستطيع المشاهد أن يراها على مسرح التمثيل . وقد اعتنى المنفلوطي عناية كبيرة بصياغة هذه الرواية التي تفيض بالمشاعر السامية ، والأحاسيس الفياضة ، التي تنعم بالأسى والألم ، فجاءت بحق متينة السبك رقيقة التعبير ، دقيقة الأداء قوية التأثير وغنية الأسلوب .
نماذج من کتاب “الشاعر”:
(١) وظل مستغرقا في تصوراته وأفكاره التي كان يرسمها على قرطاسه کما يرسم المصور منظرا بديعا من مناظر الطبيعة على لوحه كما يراه لا يزخرف ولا يوشي، ولا يبتدع ولا يبتكر.فلم ينتبه إلى جماعة الشعراء حين دخلوا الحانوت هاتفين مهلِّلين وهم في ملابسهم الزَّ رية الغرباء، ونعالهم البالية، وقبعاتهم الممزقة.( الشاعر، ص:٤٧)
(٢) وما هي إلا هُنَيْهة حتى رأى شبح الكونت ًمقبلا من بعيدٍ، فخلع سيفه والتفَّ بمعطفه وأنزل قُبعته عىل عينيه، وتسلق شجرة الياسمين وكمن بين أغصانها، وأقبل الكونت واضعًا على وجهه نقابًا أسود وهو يتلمَّس الطريق في هذا الظلام الحالك، ويقول: ليت شعري أين ذهب ذلك الكاهن المنحوس؟ وماذا صنع بالرسالة التي بعثْته بها؟ لا بد أن يكون قد بلَّغها روكسان وانصرف لشأنه، ولابد أنها تنتظرني السَّاعة داخل المنزل.( الشاعر، ص:٩٤)
(٣) أريد أن أعيش حرٍّا مستقلا ، لا أخشى أحدًا، ولا أهاب شيئًا، ولا يعنيني تهديد الجرائد التجارية الساقطة، ولا يفرحني أن تنشر الصحف الكبيرة اسمي بالأحرف الضخمة في أكبر أنهارها ، ولا أبالي أتداولَ الناس قصائدي وتدارسوها، ورنت نغماتها في أرجاء المسارح أم بقيت في كسر خزانتي أقرؤها بنفسي لنفسي، وأتغنَّى بها في ساعاتِ وحشتي وخلوتي.(الشاعر، ص:٦١)
هذه نماذج أدبية مؤثرة نقلتها من هذا الكتاب، لكي أقنع جميع من يقرأ مقالتي بأن هذا الكتاب أجدر بأن يُقرأ، وهذه الرواية هي إحدى تعريبات المنفلوطي العبقرية يتكلم فيها المنفلوطي عن معنى كلمة الحب عند سيرانو، تدور أحداث الرواية حول البطل الذي أحب ابنة عمه وكتم هذا الحب في قلبه ولم يستطع أو يجد الفرصة کی يخرج هذا الحب.
هذا الكتاب الذي بين يدىّ من كتب مصطفى لطفي المنفلوطي الذى كان أديبا بارعا، أسلوبه جاذب أخاذ، وحكايته طريف لطيف، وهو لا يزال يقول لكل طالب الأدب العربي، وقارئ القصص والحكايات، ولكل من يحب النثر الواضح السهل: أنظر إلىّ، أنا الذى تناديه وتبحث عنه، إذا نظرت إلىّ نظرا واحدا تصبح أنك لا تتركنى حتى تقرأ كل ما فيّ من قصة الحب، أراك –يا باحث عن الكتب الأدبية– أن عينيك قد تفتش عن مثلى، لأنى أنا سهل الأسلوب، ممتلئ بالتعبيرات المعجبة. نعم، إذا كان لديه لسان قال هذا كله بنفسه، وأما أنا فأصدّق الآن أنه كان كما قال.
مصادر:
– الشاعر أو سيرانو دي برجراك لمصطفى لطفي المنفلوطي
٢- أعلام الأدب العربي للشيخ واضح رشيد الحسني الندوي رحمه الله
٣-النظرات لمصطفى لطفي المنفلوطي (الناشر: مكتبة إحسان لكناؤ)