المحتوى
مقدمة :
العصر الجاهلي هو العصر الذي سبق قبل ظهور الإسلام والذي يشمل خمسين ومئة سنة قبل الإسلام، وسمي هذا العصر العصر الجاهلي بسبب الجهالة التي كانت تسود عليهم فإنهم كانوا يعبدون الأوثان والأصنام ويتنازعون فيما بينهم على أتفه الأشياء و يئدون البنات ويشربون الخمر، فكان سمي كذلك بسبب الغياب للتوحيد والخلق الإسلامي، وليس هذا الجهل هو ضد العلم بل هو ضد الجاهلية كما ذكرنا ، فإن تلك الفترة لم تكن خالية من العلم فلم يهتم أي قوم بأنسابهم كما فعل العرب حتى حفظوا أنساب فرسهم – فنحن ندرس هذا العصر وثقافته وعادات أقوامه وتقاليدها من خلال حالاتهم السياسية والاقتصادية والدينية والأخلاقية في هذه المقالة.
الهيكل السياسي والأحوال الاجتماعية :
كان العرب له قسمان: أهل الحضر والبدو فأما أهل الحضر فإنهم كانوا يعيشون في المدن والقرى خاصة في جنوب العرب ويشتغلون بالتجارة والزراعة والصناعة وكانوا لا ينتقلون وقد اشتهرت برودهم وسيوفهم اليمنية والعطور وغيرها، وكانت لهم ممالك عدة كذلك : منها مملكة حمير التي هي من أقدمها وأطولها، ومملكة المناذرة بالعراق والغساسنة بالشام، فإن كلاً منها مركزا للثقافة العربية كما اهتم بعض ملوكها الشعراء
وأما أهل البدو فكانوا يعيشون في الترحال والانتقال ويقيمون حيث يجدون الماء ويخضعون لنظام القبيلة وما كانت لديهم أي مملكة بل كان لكل قبيلة رئيس يحكم فيما بينهم، وكانوا ينتصرون أخاهم ظالما أو مظلوما ولا يسألون أخاهم عند نزول الشيء فكانوا يأتون به کما قال قريط بن أنيف التميمي:
لا يسألون أخاهم حين يندبهم
في النائبات على ماقال برهانا
وكذلك كانوا لا يستدبرون في الحروب إذا دعا بها سيدهم كما نرى هانئ بن قبيصة الشيباني يحرض قومه يوم ذي قار على القتال “المنية ولا الدنية، استقبال الموت خير من استدباره، الطعن في ثغر النحور أكرم منه في الأعجاز والظهور، يا آل بكر! قاتلوا في للمنايا من بد”.
الديانات لدى العرب في العصر الجاهلي:
كان معظم العرب يعبدون الأوثان وكانت هذه شائعة لدى العرب أجمعهم، وكانت النصرانية واليهودية أيضا توجد في بعض المناطق. وكانت اليهودية قديمة في العرب، انتشرت في مدينة والطائف وخيبر وفدك، وكذلك كانت النصرانية انتشرت على نطاق واسع في العرب، ولكن الوثنية كانت أكثر شيوعا في جزيرة الحرب إذ كانت الكعبة فيها 360 صنما، كان الناس يحجون بها، وأكبر آلهتها كانت هبل، فكانت الوثنية كانت رائجة في ذلك الزمن في كل قبيلة.
کما كانت توجد بعض العناصر الوحدانية في ذلك الزمن، وكان هناك حنفاء تركوا أو رفضوا عبادة الأصنام وبحثوا عن الدين الحق أو اعتنقوا ببقايا دين إبراهيم عليه السلام، فكان منهم ورقة بن نوفل، وقس بن ساعدة الإيادي، وزيد بن عمرو بن نفيل، وأمية بن أبي الصلت، وسويد بن صامت الأوسي وغيرهم،
وهذا يظهر أيضا من خطبة قس بن ساعدة الإيادي بأنه كان يدعو إلى التوحيد والعبادة بالله كما يقول “إن لله دينا هو أرضى لكم وأفضل من دينكم الذي أنتم عليه، إنكم لتأتون من الأمر منكرا”، وكذلك يحصي نعم الله على الناس قائلا”مطر ونبات، أرزاق وأقوات، أباء وأمهات، أحياء وأموات، جمع وأشتات، ليل داج، ونهار ساج ، وسماء ذات أبراج ، وأرض ذات فجاج وبحار ذات أمواج ، ومهاد موضوع ، وسقف مرفوع ونجوم تمور، وبحار لا تغور، ونجوم تزهر وبحار تزخر” ، فكانت هذه الخطبة دلالة واضحة لوجود عناصر التوحيد في العصر الجاهلي.
المعارف والأدب:
كان العرب يهتمون كثيرا بعلم الأنساب والأخبار حتى كانوا يحفظون أنساب الفرس، وكان أبو بكر رضي الله عنه حافظا للأنساب كما يدل عليه الحديث النبوي، وكان يرجع كلهم إليه عند الحاجة، وكذلك كان علم الفلك رائجا في ذلك العصر، وكانت القيافة والكهانة يهتمّهما العرب كثيرا إذ كان الناس يتفائلون قبل أي عزيمة لمعرفة الأمور الغيبية.
وكان الشعر في العصرالجاهلى سجلاً وديوانا للعرب كما يقال “الشعر ديوان العرب” فكان الشاعر صوت قبيلة ومدافعها ومحاميها، وكانت المعلقات من أشهر المجموعة للشعر من ذلك العصر الذي يدل دلالة واضحة على براعتهم وبلاغتهم في الشعر.
وكانت للعرب أسواق، كان يسابق فيها الشعراء ويتفاخرون ويتسابقون وكان فيهم حكم يحكم بينهم في نقد الشعر.
التقاليد والعادات والأخلاق لدى العرب:
كانت للعرب كثير من العادات الحميدة والمحاسن المحمودة بها، فإنهم كانوا يكرمون الضيوف ويحمون الجيران ويعطون الحال و يجودون به ويدافعون عن عرضهم ويصدقون بالقول ويوفون بالعهد، ولديهم الحلم والعفة والشجاعة وغيرها كثير من الأخلاق الحميدة.
وكانوا يتفاخرون بهذه الصفات وأنسابهم كما في منافرة عبد المطلب بن هاشم وحرب بن أمية عندما يقول ملك الحبشة “يا أبا عمرو أتنا فر رجلاً هو أطول منك قامة، وأوسم منك وسامة، وأعظم منك هامة، وأقل منك لامة، وأكثر منك ولدا، وأجزل منك صلة، وأطول منك مزودا؟ ” وكذلك تبدو شجاعتهم من خطبة هانئ بن قبيصة عندما يقول “يا معشر بكر، هالك معذور خير من ناج فرور، إن الحذر لا ينجي من القدر، وإن الصبر من أسباب الظفر”.
وكانوا يرجحون شخصا بالبر و الفضل والكرم والحلم ولا يهتمون المال كثيرا كما يتضح من خطبة أبي طالب عند النكاح للنبي: “ثم إن محمد بن عبد الله ابن أخي من لا يوازن به فتى من قريش إلا رجح عليه برا وفضلا وكرما وعقلاً ومجدا ونبلا. وإن كان في المال قل، فإن المال ظل زائل وعارية مسترجعة”.
التقاليد السيئة
ومن التقاليد السيئة الشائعة في ذلك العصر كانت المرأة تنظر كمتاع وتحرم من الميراث وكذلك تئد بعض القبائل البنات بسبب العار والفقر كما قال الله في القرآن “وإذا الموؤدة سئلت” وكذلك كان الزنا كان فشا، ويشرب الخمر ويسفك الدماء على أشياء تافهة.
هذه كانت الثقافة للعرب في العصر الجاهلي .
مراجع :
- الجامع في تاريخ الأدب لحنا الفاخوري
- العرب في العصر الجاهلي للدكتورة ديزيره سقال
- تاريخ الأدب العربي لكارل بروكلمان، ترجمه إلى العربية الدكتور عبد الحليم
- النثر في العصر الجاهلي للدكتور هاشم