المحتويات
الهند دولة تتأصل جذورها في تاريخ قديم وعريق، نشأت فيها الحضارات، وتكاثرت الثقافات، وتعددت الديانات. ومنذ زمن بعيد، ظلت الهند منبعا للعلم والمعرفة، ومرجعا فكريا غنيا للعلوم والفنون، ومنارة مضيئة اشرقت دروب المعالم والمعارف. كان الناس يأتون إليها من كل فج عميق، ليستفيدوا من كلياتها وجامعاتها، علومها ومعارفها. وما زالت الهند تعد من أحسن الدول جودة ودقة، كفاءة ومرونة في مجال التعليم، حيث توجد في الهند معاهد بارزة وجامعات مرموقة في مجالات مختلفة من الطب، والهندسة، إلى التكنولوجيا، والقانون وغيرها.
يستعرض هذا المقال أبرز الجامعات الهندية التي أسسها المسلمون، أو لعب فيها المسلمون دورا رائدا في تنظيمها وتشغيلها، وهي جامعات تهتم بالعلوم الإسلامية بجانب العلوم الحديثة. ومن أبرزها:
جامعة علي كرة الإسلامية
إن جامعة علي كرة الإسلامية من أقدم وأشهر الجامعات في الهند، أسسها المفكر والمصلح الهندي سر سيد أحمد خان عام ١٨٧٥ باسم ”الكلية الإنجليزية الشرقية المحمدية“، وفي عام ١٩٢٠ أصبحت جامعة مركزية، وسميت ”جامعة علي كرة الإسلامية“. تقع الجامعة في علي كرة، اترابراديش، الهند، وهي حصلت على المرتبة الثامنة في الجامعات الهندية حسب الإطار الوطني لتصنيف المؤسسات (NIRF) ٢٠٢٤. تعد هذه الجامعة من أروع الجامعات الرائدة في الهند، حيث توفر أكثر من ٣٠٠ دورة على مستوى البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراة في مجالات متعددة: مثل العلوم الإنسانية، والاجتماعية، والطب، والهندسة، وإدارة الأعمال وغيرها.
تشتمل هذه الجامعة ١٣ كلية، وأكثر من ٣٠٠٠٠ طالب، ونحو ١٧٠٠ مدرس، وحوالي ١٠٠ قسم، وتقريبا ٥٠٠٠ عامل. وتعد مكتبة مولانا آزاد الواقعة في الجامعة من أكبر المكتبات في آسيا، حيث يختزن فيها آلاف من الكتب والمجلات والمخطوطات. وإن هذه الجامعة تحجز ٥٠٪ مقعدا للطلاب المسلمين، حيث تعتبر جامعة أقلية، فتساعد هذه الجامعة في رقي الطلاب المسلمين، ونهوض مستواهم التعليمي، وتطويرهم تعليميا وثقافيا وحضاريا إلى حد كبير. لعبت جامعة علي كرة الإسلامية دورا ملحوظا في تطوير الدولة ورقيها، ولا تزال تنجب الشخصيات الكبار التي تعمل لصالح الدولة وازدهارها في المستقبل.
الجامعة الملية الإسلامية
إن الجامعة الملية الإسلامية جامعة مركزية، تقع في عاصمة الهند، دلهي. أسسها ثلة من العلماء والمصلحين البارزين، منهم: محمد علي جوهر، محمود حسن الديوبندي، ذاكر حسين، حكيم أجمل خان، ومهاتما غاندي، بسبب مقاطعة الحكومة البريطانية، ومعارضة طريقة التعليم التي كانت اتخذت في جامعة علي كرة الإسلامية. حصلت الجامعة الملية الإسلامية على المرتبة الثالثة حسب الإطار الوطني لتصنيف المؤسسات ٢٠٢٤. إنها أيضا تحجز ٥٠٪ من المقاعد للطلاب المسلمين، بسبب اعتبارها مؤسسة أقلية.
ومن أهم الإنجازات للجامعة الملية الإسلامية هي أنها تركز على العلوم الإسلامية بجانب العلوم الحديثة، ولذا كانت تدرس العلوم الإسلامية واللغة العربية في الجامعة الملية الإسلامية منذ الصفوف الثانوية إلى الصفوف العليا. ولا يزال من المتطلبات الأساسية لطالب الجامعة -في عدة تخصصات- أن يقرأ الأردية كمادة إجبارية للسنة الأولى في تخصصه. تشتمل الجامعة الملية الإسلامية ١٠ كليات، وأكثر من ٢٠٠٠٠ طالب، وحوالي ٤٠ قسمًا. وإن مكتبة ذاكر حسين الواقعة في الجامعة من أكبر المكتبات في الهند. فإن الجامعة الملية الإسلامية تعد من الجامعات الرائدة في الهند، حيث تساهم في تطوير الدولة ورقيها.
الجامعة العثمانية
إن الجامعة العثمانية هي من أقدم الجامعات الهندية، أسسها مير عثمان علي خان، النظام السابع الأخير لحيدر آباد. تقع الجامعة في مدينة حيدر آباد، الهند. كانت الجامعة العثمانية أول جامعة في الهند، اختارت اللغة الأردية كوسيلة للتعليم، في مبادرة تقلل سيادة اللغات الأجنبية في الهند، وتزيد من أهمية اللغات الهندية المحلية. وأشاد بها رابندرنات طاغور، الحائز على جائزة نوبل: ”يسعدني كثيرا أن ولايتك تقترح إنشاء جامعة يتم تقديم التعليم فيها من خلال اللغة الأردية“.
استخدمت اللغة الأردية كلغة أساسية لمعظم التخصصات بما فيها الطب، والهندسة، والبرامج الأخرى، حتى قامت الجامعة بدور ملحوظ لترجمة الكتب والمخطوطات إلى اللغة الأردية على نطاق واسع. تضم الجامعة العثمانية ١٢ كلية، و ٤٠ قسمًا، وحوالي ٣٠٠٠ طالب. توفر الجامعة العثمانية دورات وبرامج في مجالات متعددة مثل الطب والهندسة والقانون والتكنولوجيا والتجارة وغيرها، بالإضافة إلى قسم الدراسات الإسلامية الذي يتميز بأبحاثها العلمية، وبرامجها التوعوية. تؤدي الجامعة العثمانية دورا ملموسا في نشر الوعي التعليمي والثقافي في الهند، وفي جنوب الهند على وجه الخصوص ، كما تعمل كجسر يربط التعليم الشرقي والغربي.
جامعة همدرد
إن جامعة همدرد من أفضل الجامعات التي توفر الدورات في العلوم والفنون المتعددة، والطب والصيدلة على وجه الخصوص، تقع في نيو دلهي، الهند. أسسها الحكيم عبد الحميد كمؤسسة تعليمية تعتني بالطب اليوناني، مستلهما رؤية الحكيم عبد المجيد خان في نشر الطب اليوناني قبل العقود. تهدف هذه الجامعة إلى دمج الطب اليوناني بالطب الحديث، مع شعار ”ويعلمهم الكتاب والحكمة“.
تتكون جامعة همدرد من ٨ كليات بما فيها: كلية الطب اليوناني، الطب الحديث، الدراسات الإسلامية، الصيدلة وغيرها. حسب الإطار الوطني لتصنيف المؤسسات، حصلت جامعة همدرد على المرتبة الأولى في الصيدلة لعدة سنوات، ومنها: ٢٠١٧، ٢٠١٩، ٢٠٢٠، ٢٠٢١، ٢٠٢٢، و ٢٠٢٤. وتعكس هذه الإنجازات تميزها الأكاديمي والبحثي في هذا المجال.
جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية
إن جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية من الجامعات التي توفر التعليم في اللغة الأردية. كانت أسست الجامعة في ١٩٩٨ بموجب قانون صادر عن البرلمان، وسميت باسم أول وزير التعليم الهندي، العالم والزعيم البارز، مولانا أبو الكلام آزاد. تتميز هذه الجامعة من كثير من شقيقاتها، إذ توفر التخصصات المهنية والتقنية في اللغة الأردية. ومن مبادئها تمكين اللغة الأردية كوسيلة للتعليم والتربية وتعزيزها، توفير التعليم الحديث من خلال اللغة الأردية، كذلك تحسين الأوضاع والظروف للناطقين بهذه اللغة من خلال توفير التعليم في لغتهم.
توفر هذه الجامعة الدورات والبرامج من العلوم الإنسانية والاجتماعية في اللغة الأردية ، بالإضافة إلى الدورات المهنية والتقنية. والآن، بدأت الجامعة توفر دورات القانون وبرامجها أيضا في اللغة الأردية. تعد جامعة مولانا آزاد الوطنية الأردية من الجامعات البارزة التي تعمل لتوفير التعليم المفتوح والتعليم عن بعد، لكي يتوفر التعليم لكل من لا يتيسر له الحصول على التعليم بشكل عادي، ولذا تتعدد مراكزها في عدة ولايات.
